نظرة متأنية للخلف

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

احدث الاخبار من خلال موقع الخليج برس , نظرة متأنية للخلف, اليوم الأحد 27 أكتوبر 2024 10:10 صباحاً

الأحد 27/أكتوبر/2024 - 10:05 ص 10/27/2024 10:05:59 AM

الكتابة عن الماضي ليست من قبيل اللهو أو الاعتزاز بتاريخ كنا نراه جميلا، ولكنها دائما محاولة لعرض أشياء رأيناها مفيدة، ونحاول أن نستفيد منها في الوقت الحاضر. 
عندما نكتب عن حوادث وقعت في عهد عبد الناصر أو السادات، فإننا أبدا لا نقصد التقليل من شان أي منهما، أو تفضيل أحدهما عن الآخر، او مهاجمة أحد، إنما نراه نقد موضوع يقوم طرح ما حدث وإجراء نقاش حوله، ونتقبل في كل الآراء. ولا يفهم مما أكتب أنني ضد عبد الناصر، أو ضد السادات. 
أدين لعبد الناصر لاستفادتي من مجانية التعليم التي حققها. لولاها ما تعلمت، ولا التحقت بأرقى الكليات التي كانت حكرا على الطبقة المميزة. في ذلك الوقت.
وفي نفس الوقت كانت سياسة الصدامات، وتعبئة الجماهير بالحماس الزائف، والنفخ في الكرامة الوطنية الى درجة لا تحتمل، وتم إجبارنا بسبب تلك السياسات على دخول حروب، لم نكن مستعدون لها، مما عرضنا لهزائم فادحة مازلنا ندفع ثمنها.  
كما لا يمكن لأحد أن ينكر أنه في عصر السادات شعرنا بالتشرذم والتشتت، بعد مبادرة للسلام التي صفق لها العالم كله، إلا العرب، الذين يبحثون عن الأمجاد الوهمية في الحرب والقتال، حتى ولو لم يتحقق النصر، رغم أن الرجل حرر الأرض، ورد لنا اعتبارنا، ولكن كان هناك شيء يدفعنا إلى عدم التسليم بكل ما كان يفعله، وأنه زرع في بلادنا شياطين الإرهاب، التي اثمرت رصاصا وقنابل في صدور أبنائنا الضباط والجنود وضحايا بالآلاف من المدنيين والمفكرين والكتاب. وتدمير منشآت ومواقع، تمت إعادة بناءها من قوت المصريين.
وفي عصر مبارك عانينا. من كل شيء، عانينا من الطبقات الطفيلية التي امتصت خيرات مصر، وعانينا من كبت الحريات، وعانى شبابنا من عدم للحاق بالوظيفة التي تأهل لها، كما تأثرت البنية التحتية لكل البلاد، كانت هناك أقلام تنبه لخطورة ما يحدث في الظلام، من رجال الأمن، والممارسات الأمنية الظالمة التي كانت مختبئة تحت ستار إعلامي كثيف، فكان الكبت، والضرب بشدة، وانتشرت الرشاوى والمحسوبية، واستغلال النفوذ في كل مجال. فتضاءلت فرص الاستثمار، وتغلغل التيار الديني، ثم تغول، فكان ما كان. وعندما كتبنا أجبرنا على التزام بيتنا، نكتب منه، حتى الآن. 
واستبشرنا خيرا بثورة يناير 2011، مع كل المصريين، أنا بصفة شخصية، لم أشارك فيها، لأنني لم أكن مقيما بالقاهرة، ولأنني لدي أسرة كان يجب ألا أفارقها، ولأجل ذلك لم أحج إلي ميدان التحرير، ولكننا كتبنا مؤيدين ومباركين، وانبهرنا باللحظات الحاسمة، وشاهدنا الليالي السوداء، التي أحرقت فيها كافة أقسام الشرطة، وإحراق ونهب وثائق ومحتويات المجمع العلمي العريق في القصر العيني وعشنا أيام السواد مع الانحسار الرهيب للأمن، وجلسنا في الشوارع ليلا لنحمي بيوتنا، وشاهدنا نهب المتحف المصري، ورأينا من يحرق علم مصر في ميدان التحرير، والمظاهرات الباهظة التي تنادي بسقوط الجيش ونشر الفوضى، واستمعنا إلى من يريد هدم مؤسسات الدولة، ليقيم عليها مؤسسات أخري ،لا ندري هويتها، وكأننا كنا نعيش في الكهوف ولم تكن لنا مؤسسات قبل يناير، ولم نكن دولة ولا لدينا جيش، ولا قضاء، ولا شرطة لأكثر من مائتي عام مضت.وجاء رئيس رض ان يؤدي اليمين الدستورية أمام قضاة المحكمة الدستورية. وأدى اليمين في ميدان التحرير. ولكن عاد واقسم امام المحكمة الدستورية، ليستكمل الشكل القانوني فقط، غير مقتنع بالدستور. وجاء الرئيس السيسي. وقلنا أن مصر يجب أن تستمر، وأن تمضي، وأن تنجو من المصير الرهيب الذي كان مخططا لها، ولم نعارض، لاعتقادنا أن مصر في مرحلة نقاهة، لا تستوجب الضغط الشديد أو إرهاقها بمعارضة صاخبة، لأنها في مرحلة بناء مؤسساتها الدستورية والديمقراطية. 
وكنا نتطلع إلي: تحقيق نوع العدالة الاجتماعية، التخفيف من وطأة التضخم على الطبقات المحدودة الدخل. مقاومة الفساد، وضع ضوابط صارمة لتدخل رأس المال في الحكم.  والحد من عبادة الفرد، وعدم إلقاء كل الأحمال والتطلعات على كاهل الرئيس.
ورغم أن بعض ما ننادي به لم يتحقق، في ظل ازمات اقتصادية لا دخل لنا بها، وحروب اشعلها إخوان لنا، بجهل وحماس لا مبرر له، فقد أشعلوا حربا لا طاقة لهم بها، وادخلوا شعوبهم في هاوية الخراب والدمار، إلا أننا نري أننا في وضع متميز، متمنيين أن تسير مصر للأمام، ومؤمنين بأن الزمن والإرادة، كفيلان بتحقيق كل ما نريده لإصلاح بلدنا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق