أرض الإله.. عزة ومنعة وسلام

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

احدث الاخبار من خلال موقع الخليج برس , أرض الإله.. عزة ومنعة وسلام, اليوم الاثنين 28 أكتوبر 2024 01:37 مساءً

الإثنين 28/أكتوبر/2024 - 01:31 م 10/28/2024 1:31:37 PM

حصدت بوابة مصر الشرقية (سيناء)، على مر الزمن، أسماء تاريخية، فهى أرض القمر، وهى طور سيناء، ومدين، وأرض النار، كما كان يسميها الرومان فى سالف العصر، وجمعت على مر التاريخ من الشواهد الإلهية والربانية ما يجعلها موقعًا مباركًا فريدًا، ومن خلالها، دخل الفتح الإسلامي عند مدينة المساعيد، وشهدت رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر.. شهدات حوار الخالق سبحانه، مع النبى موسى عليه السلام، واهتز أكبر جبالها عندما تجلى الخالق جل جلاله لسيدنا موسى، وهناك دير سانت كاترين بأحداثه الدينية.. هى سيناء أرض ديانات الله ومعجزاته.. وهي أرض البطولات التي حققها الجيش المصري في السادس من أكتوبر 1973.. طمع فيها الإرهاب، فقطع رجالنا البواسل، في قواتنا المسلحة وشرطتنا شأفته، وأصبحت قرينًا بالعزة والكرامة، والانتصار العظيم.. ثم هي مدينة السلام وأرض الفيروز.
لذلك، فهي المرتكز الدائم في احتفالات النصر بذكرى أكتوبر من كل عام.. ومنذ يومين، أُقيمت احتفالية اتحاد القبائل العربية والعائلات المصرية، بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر الواحدة والخمسين، باستاد العاصمة الإدارية الجديدة، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، ووزير الداخلية، اللواء محمود توفيق، وعدد من الوزراء وكبار رجال الدولة، وسط عشرات الألاف من أبناء محافظات مصر، الذين حضروا من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، من أهل أسوان والنوبة والدلتا والوادي الجديد ومطروح وسيناء، تأكيدًا على اعتزاز أبناء مصر بأبطال القوات المسلحة، الذين نجحوا في تحقيق النصر في السادس من أكتوبر، كواحد من أهم المحطات في تاريخ مصر الحديث، فضلًا عن تأييد القيادة السياسية في كل ما تراه مناسبًا من أجل الحفاظ على مصر وأمنها القومي.
ما حدث في هذه الاحتفالية، وهي الأولى التي تنظمها مؤسسات المجتمع المدني مع القوات المسلحة، داخل أضخم قلعة رياضية في الشرق الأوسط (استاد مصر)، بالقرية الأولمبية بالعاصمة الادارية الجديدة، ليست مجرد احتفال أو حدث عابر، ولكنها كانت حديثًا عن تاريخ وقوة وحضارة بدأت منذ آلاف السنين، وما زالت مستمرة داخل كل مصري.. يقوم الفن دائمًا ليروي حكايات الأبطال التي سطرت تاريخنا ونعيش الفخر به في كل لحظة.. وما كان عرض فيلم (حكاية أبطال)، إلا تسجيلًا لبطولات مصرية، بدأت منذ فجر التاريخ، مع توحيد الملك مينا للدلتا والصعيد تحت اسم أرض الإله (مصر)، التي لم تنقسم منذ التوحيد حتى يومنا الحاضر.. مرورًا بغزو الهكسوس واحتلال الشمال؛ حتى جاء الملك أحمس واعتمد على محاربي النوبة في هزيمة الهكسوس، واعتمد على قبائل سيناء في قطع خط المدد والنجاة عن الهكسوس، حتى استطاع الملك أحمس طردهم من مصر، ومن بعده وصلت جيوش الملك تحتمس حتى وصلت إلى أعماق آسيا.
كان الملك رمسيس الثاني، هو أول من عقد معاهدة سلام في التاريخ، برهانًا على أن مصر بلد الأمن والسلام التي تحفظ أرضها، ولا تعتدي على غيرها.. لقد مر على مصر الآشوريين والإغريق والفرس والبطالمة والرومان والأمويين والعباسيين والمماليك، حتى جاء المغول، وبمساعدة قبائل سيناء مع الجيش كانت هذه أول هزيمة للمغول، وآخر محطاته في الغزو الذي تحطم على أبواب مصر.. ولدور أهالي سيناء البطولي في كل وقت وحين، صدر قرار القيادة المصرية عام 1967، بتنظيم القبائل في كيان واحد، (منظمة سيناء العربية)، الذي وقف خلف بطولات القوات المسلحة.. وهنا، لا ننسى بطولات إبراهيم الرفاعي قائد مجموعة صاعقة 39 الملقب بـ (أسد الصاعقة المصرية)، والفريق عبد المنعم رياض ونصر سالم، إلى جاء نصر السادس من أكتوبر عام 1973 المجيد.. وحتى محاربة الجيش المصري للإرهاب في سيناء، بعد ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013، دعمت القبائل العربية في سيناء، جهود الجيش والشرطة، في حملة (حق الشهيد).
ومن بين أبطال سيناء، وهم كُثر، تبزغ الحاجة فرحانة، قبس من نور البطولات على أرض سيناء.. الذي وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتخليد هذه السيدة العظيمة، بشيء في سيناء، (نعمل حى باسم الحاجة فرحانة، علشان نفضل فاكرين الجِميل، مع ناس كثير قدمت الكثير لمصر، ونعمل لها حاجة رئيسية في القاهرة، علشان نقول لأهالينا في القاهرة، شوفوا أهلنا في سيناء عملوا إيه).. وهذا ديدن القيادة التي تُثبت الفضل لأهله، من أبناء مصر الأبطال الأوفياء.. كما هو القائد الذي يشعر بأبنائه، ملبيًا كل حاجة يريدونها، حتى لو كان لقاء ومصافحة، لم يبخل بها على الطفل أنس لاعب نادي أسوان، الذي عبر عن أمنيته في أن يلتقي الرئيس ويصافحه.
لم يدع الرئيس السيسي الاحتفالية تمر، قبل أن يؤكد فخره بانتصار مصر في حرب السادس من أكتوبر المجيد، الذي كان (فكرة ملهمة) لن تموت أبدًا، قدم فيها الشعب المصري مثالًا للتحدي والصمود.. مشيرًا إلى أن الظروف التي تعيشها مصر الآن، أشبه بتلك التي عاشتها البلاد بعد حرب 1967، ولكن بإرادة الشعب المصري تجاوزت البلاد المحنة.. لقد رأى جميع الخبراء والمهتمين بالشئون العسكرية، قبل حرب أكتوبر، أنه من المستحيل تحقيق النصر، بسبب عوامل، منها خط بارليف ومانع قناة السويس والتفوق الكبير للغير، والمقارنة التي لم تكن في صالح مصر.. لكن إرادة الشعب المصري ورفضه الوضع القائم، وإصراره على النصر كان السبب في تحقيق الإنجاز، الذي تطلب تضحيات دفع ثمنها المصريون في الحرب والسلام، وعلى رأسهم الرئيس الأسبق، محمد أنور السادات، الذي أنجز مهمة كانت سابقة لعصرها.. نعم، (هناك بالتأكيد تحديات تواجهنا حاليًا، ولكن بنفس الروح والإرادة والإصرار على النجاح، ورغم ظروفنا الصعبة في هذا الوقت، يجب أن تتأكدوا يا مصريين، أننا بفضل الله سبحانه وتعالي، وبالعمل والإصرار والمتابعة، سنعبر كل تحدٍ أمامنا ونصل إلى كل ما نتمناه مع بعضنا).
يذكرنا التاريخ كل يوم، أن مصر حاضرة ولا تزال، وسوف تظل شامخة رغم أنف الحاقدين والمتآمرين، وأن حب أبنائها لها وانتماءهم لها، ليس شعارًا براقًا، وإنما عقيدة راسخة، تناقلتها الجينات المصرية الأصيلة عبر التاريخ.. فمنذ بداية التاريخ كانت مصر جيشًا خلق الله له شعبًا.. دربته الأحداث ومطامع الطامعين على القتال بنزاهة وشرف، وعلمته الحياة لعسكرية شرف الدفاع عن الوطن والموت في سبيله.. لم يأت عشقنا العميق لهذا الوطن وجيشه الباسل من فراغ، وإنما من محصلة البطولات التي خاضها ذلك الجيش الباسل بشجاعة، وحقق النصر على أعدائه باقتدار، وحافظ على مقدرات وأمن واستقرار بلاده، وكان درعًا قويًا حافظ على أمانة الوطن، عبر التاريخ المليء بالمكائد والأطماع وغدر الحلفاء وخيانة الخائنين.
تذكرنا انتصارات أكتوبر دائمًا، بأن مصر بلد حي في عالم ميت، ماتت فيه كل قيم النبل والوفاء والإنسانية، وسادت فيه قيم العدوان والبطش والوضاعة باقتدار.. وقدمت حرب أكتوبر للعالم نموذجًا للفارس المقاتل النبيل، الذي يواجه أعداءه بكل حسم، دون اقتراب من الأطفال والنساء والشيوخ، ودون استهداف لحياة المدنيين وسبل معيشتهم، فاستهدافه دائمًا كان لمنشآت العدو العسكرية، كي يهزم قدرته على الاستمرار في القتال والمقاومة، ويفل عزيمته في مواصلة عمليات الاحتلال.
■■ وبعد..
فأكثر ما كان يرعب إسرائيل هو اصطفاف الشعب خلف الجيش وخلف قيادته السياسية.. ورغم محاولات إسرائيل بكافة أجهزتها الاستخبارية، أن تزعزع جسور الثقة بين الشعب والجيش، وتصنع لنفسها مساحة بينهما؛ إلا أنها فشلت.. فقد جاءت احداث 25 يناير شاهدة على صدق العقيدة ووحدة الصف.. حين استقبل المتظاهرون نزول الجيش إلى الشارع بالتكبير والتهليل والاصطفاف، من أجل استعادة الاستقرار الذى استهدفته إسرائيل وحلفائها، وهددته هتافات من كانوا في الميادين.. وحافظت عليه عقيدة الجيش الثابتة، فكانت الشعارات في الميادين الساخنة (الجيش والشعب إيد واحدة).. وجاءت ثورة الثلاثين من يونيو، لتكون بمثابة معركة جديدة للوعى وللكرامة الإنسانية والانتصار للوطن وللاستقرار والتنمية.. وكانت رسالة قوية لإسرائيل ومن والاها، بأنها أمام جيش خلفه أكثر من مائة مليون مقاتل.. وأنها أمام شعب خلفه جيش مؤمن بحقه في الحياة والعيش في سلام.. وأنه حين تلتقي إرادة الجيش مع إرادة الشعب يتحقق النصر.
وإن كان هناك بقية من كلام يًقال، عن معاني ما حدث في هذه الاحتفالية، فإن هذا الحشد الجماهيري الضخم الذي جاء من كل محافظات مصر، وهم غيض من فيض، كما بدت دومًا نوبات اصطفاف القوات المسلحة المصرية في كل زاوية من اتجاهات مصر الاستراتيجية، ليعبر عن هذا التكاتف والتلاحم بين أبناء الشعب المصري خلف قيادتهم، في كل ما تذهب إليه، من الحفاظ على أرض مصر وحماية حدوها، والتوق إلى مستقبل يسوده الأمن والأمان، ويعم فيه السلام أرجاء المعمورة، غير مُقصرين ولا مُتخاذلين إذا دعى الداعي للوقوف في وجه من يهدد، أرض الإله.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق