احدث الاخبار من خلال موقع الخليج برس , كيف تفكر إيران بعد الضربة الإسرائيلية؟, اليوم الأربعاء 30 أكتوبر 2024 10:22 مساءً
الأربعاء 30/أكتوبر/2024 - 10:12 م 10/30/2024 10:12:40 PM
تجاوز الصراع بين إيران وإسرائيل عناوين الصحف أو الجلسات الخاصة والندوات السياسية التي تناولت لسنوات طوال تقنيات الحرب الباردة بين الدولتين، إلى مشهد مفتوح على مصير الشرق الأوسط، صراع تجاوز حدوده الجغرافية التي لم تعد تُرسم بالحبر، وإنما بخيوط من دم،ونيران تتصاعد وتختفي، تزيد من حدة التوتر الذي ينهش في الجميع. تشتعل المواجهات بصمتٍ يتسلل إلى العقول أكثر من أصوات القذائف أو ضجيج التصريحات،حالة من الهوس السياسي والديني وضعت الإقليم بأكمله على صفيح ساخن.فهل سينتهي بنا الأمر إلى خارطة شرق أوسطية جديدة، تُعيد ترسيم موازين القوى الإقليمية؟ أم سيستمر العبث بمقدرات الشعوب ودماءهم؟.
لم تكن هذه المرة هي الأولى،التي تتعرض فيها العاصمة الإيرانية طهران لاعتداء عسكري،ففي عام 1988 مع نهايات الحرب العراقية الإيرانية، وقبل الموافقة على قرار وقف إطلاق النار بين الطرفين، وأثناء ما يُعرف في وقتها بمرحلة حرب المدن، وفي مرحلتها الأخيرة، فقد مرت بخمسة مراحل من الضرب المباشر والمتبادل بين طهران وبغداد،تعرضت طهران لقصف صاروخي ضخم استخدم فيها نظام صدام حسين،أكثر أسلحته فتكًا،وكانت النتيجة آلاف الضحايا، والتهجير القسري لربع سكان العاصمة الإيرانية تقريبًا،مما أجبر النظام الإيراني على تجرع السم على حد تعبير "آية الله الخميني" والقبول بالقرار الأممي الخاص بوقف إطلاق النار.
فهل تتعرض طهران اليوم إلى أزمة مشابهة تُجبرها على تجرع كؤوس السم المختلفة على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، خاصة بعد تجاوز إسرائيل الخطوط الحمراء ومحاولة ضرب بعض المنشآت الحيوية داخل العاصمة الإيرانية.صحيح أن الضربة الإسرائيلية كانت نوعية ومحددة ولم تستهدف المدنيين باعتراف الطرفين،لكن رمزية الوصول إلى العمق الإيراني، تشكل جرحًا غائرًا في الشخصية الإيرانية التي تُقدم نفسها طوال الوقت على أنها الإمبراطورية التي لا تُقهر،فهل إنهارت النرجسية الإيرانية أمام العنجهية الإسرائيلية؟. حتى نجيب على هذا التساؤل علينا أن نرصد نقاط الضعف في بنية الواقع الإيراني وعمق تأثير الضربة الإسرائيلية الأخيرة في آلية صنع القرار داخل الدولة.
الهيمنة الإيرانية وخسارة محور المقاومة:
في عام 2015، صرح "علي يونسي" رئيس جهاز الإستخبارات الأسبق، والمستشار الثقافي لرئيس الجمهورية، في عهد الرئيس المعتدل "حسن روحاني "، قائلًا: " إن إيران قد أصبحت الأن إمبراطورية من جديد"، مشيرًا إلى امتداد الظل العسكري والمذهبي الإيراني على ربوع الإقليم بشكل عام،متمثل في فكرة الهلال الشيعي في ذلك التوقيت،مثل حزب الله في لبنان والفصائل العراقية الشيعية، وإرهاصات ظهور الحوثي في اليمن،بالإضافة بالطبع لتبعية النظام السوري والفصائل المسلحة الشيعية في سوريا.وأكد " يونسي " أن النفوذ الإيراني يتجاوز الشكل العسكري، ليتمد إلى الطابع الثقافي والهوية المذهبية،بالإضافة إلى البعد القومي.
فكرة الهيمنة والنفوذ والرغبة المحمومة في التوسع، هي المسيطرة على العقلية السياسية الإيرانية طوال عقود طويلة،على اختلاف الحكومات والأهواء الفكرية المحافظة أو الإصلاحية. وقد شكل محور المقاومة ظل إيران على الإقليم،خاصة مع تطور الأحداث بعد " طوفان الأقصى " ومحاولة إيران القفز على المشهد السياسي، وتحقيق أكبر المكاسب الممكنة،أمام الدموية الإسرائيلية وحروب الإبادة الجماعية لنظام نتنياهو التي ما زال يمارسها في غزة،وصولًا إلى لبنان.
وقد أتت خسارة الجانب الأكبر من قوة حزب الله، أول مسمار في نعش نهاية فكرة محور المقاومة،خاصة بعد اغتيال "حسن نصرالله" و"هاشم صفي الدين " وغيرهما من قيادات الصف الأول والثاني،حتى مع انتخاب " نعيم قاسم" كأمين عام لحزب الله، بكل تشدده وميوله العسكرية الصدامية،لكنه يفتقر إلى كاريزما حقيقية للحاضنة الشعبية لحزب الله في لبنان أو ذراعه السوري،كما أنه لم يكن له حضورًا سياسيًا قويًا أثناء قيادة لحسن نصر الله.مما اضطر إيران إلى التخلي النسبي عن مقدرات حزب الله، خاصة المد العسكري أو المالي، على خلفية استهداف إسرائيل لمخازن السلاح والصواريخ وكذلك الهيئات الاقتصادية لحزب الله، مثل "جمعية القرض الحسن" أو "الهيئة الصحية الإسلامية"، وهما هيئتان تابعتان لحزب الله، ولهما فروع مختلفة في الجنوب وفي الضاحية ببيروت، وحسب التصريحات الإسرائيلية أن تلك الهيئتان هم الستار الاجتماعي والسياسي للتمويلات الإيرانية للجماعة.بالإضافة إلى الضرب العسكري الإسرائيلي للمعابر بين سوريا ولبنا وخاصة معبرا القائم والجوسية بهدف قطع أي مدد عكسري إيراني ممكن أن يأتي من خلال الأراضي السورية.
فقد تمكنت إسرائيل من عزل حزب الله عسكريًا وماليًا عن الحاضنة الإيرانية الأم، مما أجبر إيران على تقليص الدعم المقدم للجماعة الشيعية الموالية،واضعين في الاعتبار كذلك أن محاولات تصفية حماس واغتيال قيادتها بداية من إسماعيل هنية وصولًا إلى يحي السنوار، قد أفقد إيران كذلك الضلع الأكثر فاعلية في القضية الفلسطينية، وجردها من ورقة الضغط التي كانت تمارسها على الكيان المحتل، لكونها وضعت نفسها كظهير سياسي وعسكري لحماس.ومع الضعف البادي على الفصائل العراقية التابعة لإيران، والتي لم تتمكن من منع الاستغلال الإسرائيلي لسماء العراق أثناء توجيه الضربة الأخيرة على إيران.
فلم يتبق لإيران سوى الحوثي وجماعته في اليمن، وأعتقد أنها سوف تحاول بشتى الوسائل الحفاظ عليه بعد فقدان فكرة وحدة الساحات بانتهاء القدرة العسكرية لحماس وتراجع حزب الله على مستوى القيادة،فالحوثي هو ورقة الضغط الأخيرة لتحقيق مصالح إيران في البحر الأحمر وبحر العرب،خاصة خطوط التجارة المشتركة مع الصين وروسيا ضد المصالح الغربية.
كما ظهرت العديد من الأصوات في داخل منظومة الحكم في إيران، تدعو إلى التركيز على المشاكل الداخلية، والحد من الدعم المقدم للمليشيات الموالية لإيران، وليس التخلي عن محور المقاومة تمامًا، لكن مشاكل الداخل أصبحت أكثر حدة ووضوحًا،بل أن أمر الدعم المقدم إلى الجماعات الموالية قد يُدخل إيران في سجال لا ينتهي مع إسرائيل وبالتبعية الولايات المتحدة.
النتيجة أن إيران انسحبت إلى الداخل وانشغلت بقضية الضربة الإسرائيلية، وحاولت تحسين صورتها السياسية والعسكرية التي فقدت الكثير من هيبتها، أمام محور المقاومة الذي انشغل هو الأخر بقضاياه الذاتية ومحاولة الخلاص واستعادة الوجود نسبيًا أمام الهجمة الإسرائيلية الشرسة والدموية.وهذا ينقلنا إلى الفكرة التالية والمتعلقة بالجانب العسكري في إيران.
هل فقدت إيران هيبتها العسكرية؟:
حسب السردية الإسرائيلية فإن إيران قد فقدت جانب كبير من دفاعاتها الجوية،خاصة بطاريات إس300 روسية الصنع الموزعة على أربعة وحدات عسكرية،غرب ووسط إيران.كما استهدفت إسرائيل مركزًا سريًا لخلاطات الوقود الصلب المستخدم في تصنيع الصواريخ الباليستية في منطقة "باشين" غرب طهران،مما يمنعها من إطلاق الصواريخ الباليستية لمدة عام على الأقل،حسب التصريحات الإسرائيلية.كما تم استهداف قاعدة "سربردار" للدفاع الجوي في خوزستان المطلة على الخليج العربي.وكذلك القاعدة العسكرية الخاصة بالصواريخ الباليستية في منطقة "شاهرود ".وغيرها من المراكز العسكرية الهامة في الداخل الإيراني.
تلك السردية ترفضها إيران جملة وتفصيلًا، خاصة ما يتعلق بقدرة الطيران العسكري الإسرائيلي الذي هاجم ب 100 طائرة متنوعة أهمها F 35، وعلى ثلاث مراحل متتالية، على تجاوز الحدود الإيرانية والتحليق فوق العاصمة طهران،وإصابة أهداف نوعية في الداخل الإيراني.رغم ما يشوب التصريحات الإيرانية من غموض وعدم الوضوح، فيما يتعلق بحجم الإصابات أو الخسائر، وكذلك البيانات العسكرية التابعة للحرس الثوري،التي طالبت المواطنين بعدم نشر أي فديوهات أو تفاصيل تخص نتائج الضربة إلا التصريحات الرسمية، وإلا سيقع من يفعل ذلك تحت طائلة قانون التعاون مع جهات معادية للدولة.وكذلك تضارب التصريحات الإعلامية في بداية الضربة من إنكار بعض الجهات لوجود ضربة من الأساس، واعتراف البعض.
كما أن الإعلان عن استشهاد أربعة عسكريين من قوات الدفاع الجوي،دون تحديد رتبهم أو هويتهم أو أماكن تمركزهم.وتصادف في نفس الوقت مقتل عشرة من عناصر الشرطة الإيرانية في إقليم بلوشستان بواسطة جماعة جيش العدل التابعة لتنظيم داعش،والتي اتهمتها إيران أكثر من مرة بتعاونها مع إسرائيل بشكل مباشر،مما يشير إلى أن جماعة جيش العدل قررت تنفيذ عملية إرهابية في وقت انشغال الدولة الإيرانية بالدفاع عن حدودها ضد الهجمات الإسرائيلية. كل ما سبق يثير العديد من التساؤلات حول مصداقية السرديات العسكرية المعلنة من كلا الطرفين،ولكن من المؤكد أن مساحات المسكوت عنه أكبر بكثير من المعلن.
إيران تسعى دائمًا للحفاظ على هيبتها العسكرية سواء داخليًا أو خارجيًا، فالصورة الذهنية التي تحاول نسجها عن تكويناتها العسكرية جزء من أهدافها الإستراتيجية بعيدة المدى على المستوى الإقليمي، رغم ضعف بعض القطاعات العسكرية لديها مثل قطاع الطيران وبعض منظومات الدفاع الجوي، وكذلك التناقضات في السياق العسكري بين حرس ثوري وقوات مسلحة،لكنه ضعف قابل للتجاوز،فمجرد تعريته أو ظهوره على الملأ يُفقد إيران الكثير من عناصر تواجدها الإقليمي، رغم سعيها الدؤوم إلى تطوير مجالها النووي السلمي كما تدعي، أو العسكري كما تؤكد الولايات المتحدة وإسرائيل،لكن من المؤكد أن إيران قد تحتاج إلى وقت طويل لإعادة رسم الصورة الذهنية عن عسكريتها، أو قد تضطر إلى توجيه ضربة معادية لإسرائيل في حال تأكدها أن الرد العسكري سوف يُعيد هيبتها الإقليمية،خاصة بعد فقدان أذرعها في محور المقاومة.
الاقتصاد بين الفشل والطموح:
يظل الملف الاقتصادي في إيران هو المحرك الأصيل لكل القرارات السياسية والعسكرية، فهو الملف الأكثر تأثيرًا وحساسية على بقاء النظام ككل.خاصة إذا علمنا أن نسبة التضخم تتجاوز 48%، وأن نسبة الفقر تجاوزت ال 30%،وفي تزايد مستمر خاصة خلال الخمس سنوات السابقة،حسب أخر إحصائيات مركز الأبحاث التابع لمجلس الشورى،وأن معدل القوة الشرائية قد انخفض بشكل كبير خلال العام الماضي بسبب انعكاس القضايا السياسية الخارجية على المواطن في الداخل،بحيث تراجع دخل الفرد بنسبة 33%.وكذلك الاعتماد بشكل رئيسي على قطاعات النفط لتحسين النمو الاقتصادي بعيدًا عن غيره من القطاعات داخل الدولة، رغم ما يمثلة قطاع النفط من ثقل على كاهل الدولة، لأنه القطاع الأكبر الذي سقطت عليه العقوبات الدولية، مما يضطر النظام الإيراني إلى اتباع خطط ملتوية لتصدير النفط،سواء بالمقايضة بمواد غذائية كما يتم مع دولة الهند، أو البيع بأسعار تقل عن أسعار السوق العالمية إلى الصين، فالصين هي المشتري الأكبر للنفط بنسبة 90%.مما أدى إلى ظهور ما يُعرف بتهريب الأموال النفطية في صناديق وسندات خارج حدود إيران، خاصة في بلدان أسيوية أو خليجية،بنسبة 15% لصالح الدول المضيفة لتلك السندات غير الرسمية،والتي تخرج عن رقابة البرلمان، أو المجتمع بشكل عام، وغير مدرجة في الميزانية الرسمية للدولة.
كما يعتمد الاقتصاد الإيراني على ما يعرف باقتصاد المقاومة، أو الاقتصاد الموازي، وهو سياق غير مرئي من التبادل المالي، خاضع لسيطرة فئة قليلة جدًا في الدولة الإيرانية، يتبعه مساحات واسعة من الفساد الناتج بطبيعة الحال من زيادة حجم العقوبات الدولية على المؤسسات والأفراد في إيران.وقد حاول الرئيس الإيراني "مسعود بزشكيان " أن يوضح حجم الأزمة الاقتصادية التي تمر بإيران، خاصة لدى تقديمه لموازنة العام القادم 2025 للبرلمان، فأتت الموازنة بنسبة عجز تتجاوز 18000مليار ريال، وهي نسبة كبيرة عن العام الماضي،كما اضطر إلى زيادة الميزانية العسكرية بنسبة ملفتة، أدت إلى رفض مشروع الموزانة من 96 عضوًا داخل البرلمان، لكن تم إقرارها بعدد 146 عضو،من إجمالي 249.فالموازنة القادمة تعتمد على فكرة اقتصاد الحرب بدلًا من تحسين عجز الموزانة ورفع الأحوال المعيشية.وهذا يعكس أمرين، أولًا سيطرة المؤسسات العسكرية على مراكز صنع القرار في إيران، خاصة مع سيطرة الحرس الثوري على ما يزيد عن نسبة 40% من الاقتصاد الإيراني.ثانيًا:توجه الدولة إلى مزيد من التسليح استعدادًا لمصادمات عسكرية مرتبقة.
ورغم كل ما سبق من أزمات اقتصادية، فإن إيران تسعى بشكل جدي إلى أن تكون فعالة في مجموعة "البريكس" الاقتصادية بقيادة روسيا والصين،كما تهدف أن تستحوذ على المشروع الخاص،"بترانزيت" خطوط الطاقة والغاز، بحيث تمر خطوط الغاز الجديدة من أراضيها، وبالتالي تكتسب إيران مشروعية اقتصادية لتخرج من عزلتها الدولية، وتتمكن من مواجهة التدهور الداخلي.وبالتالي تحاول الدولة الإيرانية أن تحافظ على اتجاهين في قيادة الملف الاقتصادي، الأول هو الحفاظ على اتجاه الخروج من العزلة الدولية والتفاعل الدولي والإقليمي،رغم أن هذا الاتجاه يعطله الاتجاه الأخر من فساد مالي كبير داخل المؤسسات،وعجز عن تطبيق الشفافية الاقتصادية بمعايرها الدولية سواء داخليًا أو خارجيًا.
وقد جاءت الضربة الإسرائيلية الأخيرة، لتكشف عوار النظام الاقتصادي خاصة في هذه الفترة الحرجة، فرغم أن الدولار قد انخفض سعره داخليًا من 67 ألف طومان إلى 63 ألف بعد الهجوم،ورغم أن أسعار الذهب قد انخفضت بنسبة ملحوظة، لكن هذا لا يدل على أي تحسن اقتصادي أو ضعف الضربة الإسرائيلية كما يروج النظام، فالحقيقة أن النظام قد تعمد ضخ مليارات الدولارات خلال اليومين السابقين، لتحقيق توزان اقتصادي داخلي، ولكن هذا الضخ تم بطريقة غير شرعية، عن طريق الصناديق الخارجية (سالفة الذكر)،وكذلك تهديد رجال الأعمال، ومحلات الذهب ومؤسسات القطاع الخاص داخل البورصة، بعدم ضخ أي أموال جديدة في السوق، وعدم استغلال الوضع بشراء الدولار بسعر غير رسمي والذي لا يتجاوز 53 ألف طومان.مما أعطى انطباعًا عامًا بالسيطرة على السوق الداخلي وتحسن الأحوال،رغم الهجوم الإسرائيلي.
إيران بين التفاوض والحرب:
إيران الأن لا تملك العديد من الخيارات العسكرية أو السياسية، فبعد خسارتها لقوة محور المقاومة، وصعف المليشيات الموالية،وكذلك تعرضها لخلل في الصورة السياسية الإقليمية والدولية،بعد الهجوم الإسرائيلي، تنحصر خيارات صنع القرار في أمرين لا أكثر.
أولًا: البعد عن أي صدام عسكري مع إسرائيل،رغم التصريحات العكسية التي تخرج ليلًا ونهارًا من القادة في الحرس الثوري أو قيادة الأركان،فأي صدام قادم لن يمر بسلام خاصة مع احتمالية وصول " ترامب " إلى البيت الأبيض، وتصريحاته العدائية ضد إيران، فلن تُقدم إيران على أي هجوم جديد، إلا إذا استشعرت سوء نية مجددًا من إسرائيل أو الولايات المتحدة، فستحاول أن تقوم بضربة استباقية كما تم في عملية "الوعد الصادق 2" .
ثانيًا: تحاول الدولة الإيرانية أن تنتج سياقًا تفاوضيًا مع الولايات المتحدة، لتحقيق رفع العقوبات في أقرب وقت ممكن، وبالتالي تحسين للأجواء المعيشية في الداخل،فرغم أن إيران لا تملك مساحة كافية من المناورات السياسية، وممارسة آليات الضغط العسكري أو ضغط القوة في مقابل تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية، لكن حكومة الرئيس بزشكيان تملك مجموعة من المفاوضين رفيعي المستوى، على رأسهم وزير الخارجية "عباس عراقجي "، وكذلك مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية "جواد ظريف" صاحب الباع الأهم في مفاوضات الملف النووي،وهما ذوي ميول إصلاحية أو معتدلة.
ولكن يظل العائق الأهم، هو الضغوط التي يمارسها التيار المتشدد في الداخل الإيراني، سواء من آيات الله في الحوزة، أو أصحاب السطوة الحقيقية من قيادات الحرس الثوري، الذين يسعون إلى مزيد من المصادمات العسكرية، وإفشال أي نوع من التفاوض أو المهادنة.فما زالت جميع الاحتمالات مفتوحة أمام إيران.
0 تعليق