لماذا تنشغل ادمغتنا بالاتصال المجتمعي؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

احدث الاخبار من خلال موقع الخليج برس , لماذا تنشغل ادمغتنا بالاتصال المجتمعي؟, اليوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024 07:58 مساءً

 

لماذا نتعامل مع ادمغتنا كمكتبة عامة فيما يخص العلوم الاجتماعية؟.. لماذا نشعر بالعذاب الشديد عندما نفقد احد افراد الاسرة؟.. هل يجب ان نتعامل مع الالام الاجتماعية والجسدية على نحو مماثل؟

يحاول ماثيو ليبرمان؛ عالم الاعصاب ومدير مختبر علم الاعصاب الادراكي في جامعة كاليفورنيا من خلال كتابه لماذا تنشغل ادمغتنا بالاتصال؟" للاجابة على سؤال "من نحن" كمخلوقات اجتماعية، ويحاول الكشف عن فهم اكثر دقة للطبيعة الاجتماعية لدينا وكيف يمكن ان نُحسّن حياتنا ومجتمعنا.

ليبرمان الذي امضى العقدين الماضيين مستخدما ادوات مثل الرنين المغناطيسي الوظيفي لدراسة كيفية استجابة الدماغ البشري للسياق الاجتماعي، وقد وجد مرارا وتكرارا ان ادمغتنا ليست مجرد آليات مبسطة تستجيب فقط للالم والمتعة ولكن لها القدرة على التواصل والتمييز المجتمعي.  

ليبرمان لديه سؤال في الصميم، لماذا نشعر بالعذاب الشديد عندما نفقد احد افراد الاسرة؟.. يوضح  "ليبرمان"ان ذلك بعيدا عن كونه عيبا تصميميا في الهندسة العصبية فى أدمغتنا، فقدرتنا على الحزن الكبير هي ميزة حيوية وقانون تطوري لدينا، يقول ان البحث الذي قمت باجراءه مع زوجتي على مدى العقد الماضي اعطانا تلك الاجابة، ان الالم هو ليس مجرد حادث بل هو مهم للغاية لبقائنا.

لقد تطورت ادمغتنا لتواجه تجربة التهديدات الاجتماعية لدينا بنفس الطريقة التي واجهت الالم الجسدي، ومن خلال تفعيل نفس الدوائر العصبية التي تسبب لنا االشعور بهذا الالم، ان الرابط العصبي بين الالم الفيزيائي والاجتماعي يضمن لنا البقاء متصلين اجتماعيا ذلك الاتصال الذى نحتاج اليه مدى الحياة، مثل الغذاء والدفء. هنا يطرح "ليبرمان" السؤال

(نظرا لحقيقة ان ادمغتنا تتعامل مع الالام الاجتماعية والمادية على نحو مماثل، هل يتعيّن علينا علاج الالم الاجتماعي بشكل مختلف عمّا نفعل الان؟).

"يقول ليبرمان" اما عن البحوث التي اجريتها مع اخرون قد كانت باستخدام الرنين المغناطيسي، وهي توضّح كيف ان خبرة الالام الاجتماعية على خلاف تصورنا لانفسنا، فنحن نعتقد بصورة حدسية ان الالام الاجتماعية والمادية -مثل كسر الرِجل- هي انواع مختلفة جذريا من الخبرات، ولكن طريق ادمغتنا في تعاملها معهما توحي بانها اكثر تماثلا مما نتصور، ان البناء الاجتماعي يعتمد على الفردية ويلاحظ ايضا ان "احاسيسنا الاجتماعية طيعة تجاه الاساس العصبي للمعتقدات الشخصية التى تتداخل بشكل كبير مع واحدة من مناطق الدماغ المسؤولة في المقام الاول عن السماح لمعتقدات الاخرين للتأثير على ذات منطقتنا الشخصية.

يبرز "ليبرمان" قضية اساس نسيج المجتمع قائلا" ان مجتمعنا تم نسجه عبر سلسلة من الرهانات التي تطوّر وضعها مرارا وتكرارا على مر تاريخ الثدييات، هذه الرهانات جاءت على شكل تعديلات تم تحديدها فهى تعزز البقاء والتكاثر. هذه التكيفات تُكثف أواصر علاقة القرابة والصداقة لتزداد  هذه المشاعر مع من حولنا كما تزداد قدرتنا على التنبؤ بما يدور في أذهان الآخرين حتى نتمكن من التنسيق والتعاون معهم بشكل أفضل. ان الم الخسارة الاجتماعية او الضحك مع جمهور معين على حادث في موقف ما، يمكن ان يؤثر فينا بنفس الدرجة، وهذا هو الترابط ما بين ادمغتنا عن طريق التواصل والتفاعل مع الاخرين، وهذه هي سمة من سمات التصميم،وليس احد عيوبه، حيث ان هذه التكيفات الاجتماعية هي المحور الذي جعلنا النوع الاكثر نجاحا على الارض.

ان لهذا اثارا مترتبة عبر كل شيء،من الحميمية في العلاقات الشخصية الى الادارة التنظيمية والعمل الجماعي المعقد

تماما كما أن هناك شبكات اجتماعية متعددة على شبكة الإنترنت مثل الفيسبوك وتويتر، ولكل منها نقاط قوتها الخاصة، فان هناك أيضا شبكات اجتماعية متعددة في أدمغتنا، ومجموعات من مناطق الدماغ التي تعمل معا لتعزيز موقعنا على خارطة التواصل المجتمعي. كل هذه الشبكات لديها نقاط القوة الخاصة بها،وانها ظهرت في نقاط مختلفة من تاريخنا التطوري،حيث الانتقال من الفقاريات الى الثدييات الى الرئيسيات الينا نحن الهوموسابينس"الانسان العاقل"،ان هذا النظام يلخّص نفسه خلال مرحلة الطفولة لدينا بوضوح.
     
هوامش:
***
الهندسة العصبية: هي شكل من أشكال الاختراق الحيوي للدماغ والجهاز العصبي المركزي او بمعنى ادق هو اسلوب تعامل او تدخل فى بناء الخلايا العصبية سواء باصلاحها او تحسينها.

علم الاعصاب الادراكي: يطلق عليها أيضا اسم البيولوجيا العصبية حيث يندرج ضمن طب الظواهر المخية.

فقد اكتشف مثلا أن عدد الخلايا المخية لا يتغير تقريبا مع الزمن ولكن الذي يتغير هو كيفية تواصل وتلاحم هذه الخلايا. فكلما درب المرء نفسه وأجهد دماغه بالتفكير كلما زاد عدد الوصلات والتحامها وهو ما يؤدي إلى مقدرة أكبر على الاستيعاب والذكاء والعكس صحيح.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق