في انتظار "كن"

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

احدث الاخبار من خلال موقع الخليج برس , في انتظار "كن", اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024 01:13 مساءً

كما قال الأديب والروائي نجيب محفوظ "سأعيش على أمل أن كل شيء سيصبح جميلًا مادام لنا رب يقول كن فيكون"، ما أجمل هذه العبارة، وما أعمق دلالاتها، إنها المفتاح السحري الذي يفتح الأبواب المغلقة، الجملة التي تقلب الموازين وتعيد تشكيل الواقع.

عندما يقف الإنسان أمام صعوبات الحياة، قد يشعر بالضعف، بالعجز، أو حتى باليأس أحيانًا، لكن تذكُّر تلك القدرة الإلهية المطلقة يعيد ترتيب كل شيء من جديد، فمهما بدت الأمور معقدة، ومهما طال ليل المعاناة، يبقى هناك رجاء غير محدود في قدرة الله، الذي يستطيع أن يبدّل الحال في لحظة واحدة، بكلمة واحدة: "كن".

الأمل ليس مجرد شعور أو حالة نفسية عابرة، بل هو فعل إيماني عميق، يرتبط بفهمنا لحقيقة الوجود وإيماننا بالخالق، إننا نؤمن أن الله لا يترك عباده، وأنه قريب مجيب الدعاء، وأنه يختار لنا الأفضل حتى وإن لم نفهمه في لحظتنا الراهنة، في هذه الثقة تتجلى قوة الأمل، كيف لا ونحن نؤمن برب قادر، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء؟

إنني أعيش على أمل أن كل شيء سيصبح جميلًا، ليس لأن الحياة خالية من الألم أو المشاكل، بل لأنني أعلم أن خلف كل محنة هناك حكمة، وخلف كل اختبار هناك درس، وأن الأيام الصعبة ليست إلا جسرًا يعبر بنا إلى أيام أفضل، قد تكون الرحلة طويلة وشاقة، ولكنني أؤمن أن النهاية ستكون مشرقة، لأن في النهاية هناك الله، الذي يكتب أجمل القصص.

الأمل، إذن، ليس هروبًا من الواقع، ولا تجاهلًا للألم، بل هو مواجهة للحياة بقوة الإيمان، إنه القدرة على رؤية النور في أحلك اللحظات، والتمسك بالخير حتى عندما يختفي عن الأنظار.

ربما يعترضنا في الطريق صعاب كثيرة، وربما نقف في منتصف الطريق متعبين، لكننا لا نتوقف، لأن هناك دائمًا قوة تدفعنا للأمام، تلك القوة هي الأمل، وهو ما يجعلنا ننتظر الغد بثقة، رغم كل ما قد يحمله الحاضر.

عندما ننظر إلى السماء في لحظات الألم، نرفع أعيننا ونهمس "يا رب"، فإننا نرفع قلوبنا أيضًا محملة بالأمل، نعلم أن هناك من يسمعنا، وأنه سبحانه لن يتركنا وحدنا في هذا الطريق الوعر، نعم، سأعيش على أمل أن كل شيء سيصبح جميلًا، لأنني أؤمن أن هناك رحمة لا حدود لها تحيط بنا، وأن تلك اللحظات الصعبة ما هي إلا فصل في قصة حياتنا، وسرعان ما ستتبدل الأحوال وتبتسم لنا الأيام.

وربما يكون الأمل هو ما يجعل الإنسان قادرًا على التحمل، على الاستمرار رغم كل شيء، عندما نقول لأنفسنا إن كل شيء سيصبح جميلًا، فإننا نغرس في قلوبنا بذور الصبر والثبات، نحن نعلم أن الطريق قد يكون طويلًا، وأن الحلول قد لا تأتي فورًا، لكننا نؤمن أن النهاية ستكون كما نريد أو ربما أفضل مما نريد، كيف لا؟ والله قد وعد، والله إذا وعد لا يخلف.

إنني أعيش على أمل أن الغد سيحمل لنا أخبارًا طيبة، وأيامًا جميلة، وأن تلك الأحلام الصغيرة التي نحملها في قلوبنا ستزهر يومًا ما، قد يتأخر الفرج، لكنني أؤمن أنه قادم، قد تكون الأبواب الآن مغلقة، لكن هناك بابًا واسعًا في السماء، يُفتح حين تُغلق الأبواب الأخرى، ومادام لنا رب يقول للشيء "كن فيكون"، فإننا لسنا في حاجة للخوف أو القلق، لأن في النهاية هناك يدًا إلهية تدبر كل شيء بحكمة ورحمة.

الحياة، إذًا، ليست سوى رحلة مليئة بالتجارب، والاختبارات، والفصول المتعددة، ولكن في كل فصل من فصولها، يبقى الأمل هو النجم اللامع الذي يقودنا نحو الوجهة الصحيحة، حينما نتمسك بهذا النجم، نعلم أن كل يوم هو خطوة نحو الأجمل، وأن كل تحدٍ نواجهه هو فرصة للتقرب أكثر إلى الله، ولتعزيز إيماننا بقدرته المطلقة.

إنني أعيش على أمل أن كل شيء سيصبح جميلًا، لأنني أؤمن أن الله يُدبر الأمر كما يجب، وأنه حين نثق به، فإن كل شيء سيتحول إلى خير.

ربما تتألم الآن، وربما تسقط الدموع من عينيك، لكن تذكر دائمًا أن هناك يومًا قادمًا، يومًا سيصبح فيه كل ما كان صعبًا ماضيًا نبتسم عليه، يومًا نقول فيه "الحمد لله" وقد تحقق كل ما كنا نأمله.

هذا هو الأمل الذي أعيش به، أملٌ يتجذر في الإيمان بأن الله هو من بيده الأمر، وأنه إذا أراد شيئًا، فإنه يقول له "كن فيكون".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق