تتجه عقود الأسهم الأوروبية والأمريكية نحو الارتفاع المعتدل مع استعداد التجار لاستقبال بيانات الأرباح، والتي تُعتبر المحرك الرئيسي لارتفاع الأسواق، خاصة بعد إصدار معظم البيانات الاقتصادية الهامة في الأسابيع القليلة الماضية. لا شك أن أسواق الأسهم الأوروبية والأمريكية شهدت واحدة من أفضل الأسابيع من حيث الأداء، حيث أغلقت مؤشرات الأسهم الأمريكية عند مستويات قياسية.

أداء السوق

حقق مؤشر التكنولوجيا الأمريكي، ناسداك 100، ارتفاعًا بنسبة 0.33% يوم الجمعة، ليغلق عند مستوى 18,342. وبهذا، يظل المؤشر قريبًا بنسبة 2% من أعلى مستوى له على الإطلاق. أما مؤشرا S&P 500 وداو جونز الصناعي، فقد سجلا أيضًا أرقامًا قياسية جديدة، حيث ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.61% ليغلق عند 5,815، وهو أعلى مستوى للمؤشر. في حين حقق مؤشر داو جونز الصناعي مكاسب بنسبة 0.97%، مغلقًا عند مستوى 42,863.

لقد شهدت جميع مؤشرات الأسهم الأمريكية الثلاثة ارتفاعًا في الأسعار لمدة خمسة أسابيع متتالية، مما يدل على أن المضاربين في حالة سيطرة، خاصة مع استمرار تحسن الأساسيات في الاقتصاد الأمريكي.

الأساسيات القوية

هناك العديد من الأسباب التي تدعم أسعار مؤشرات الأسهم الأمريكية. أولاً، أظهرت بيانات مؤشر أسعار المنتجين (PPI) التي صدرت يوم الجمعة أن الأسعار بالجملة ظلت مستقرة في سبتمبر، رغم أن الرقم جاء دون التوقعات. وإذا استبعدنا أسعار المواد الغذائية والمشروبات، فقد ارتفعت بيانات PPI بنسبة 0.2%، وهو ما يتماشى مع التوقعات، مما يعد علامة مشجعة. قبل إصدار بيانات PPI، شهدنا أيضًا ارتفاعًا طفيفًا في بيانات مؤشر أسعار المستهلكين (CPI)، مما جعل التجار يتوقعون أن الاحتياطي الفيدرالي ليس بعيدًا عن اتخاذ إجراءات جديدة.

وفيما يتعلق بسياسة الاحتياطي الفيدرالي النقدية، فقد قلص المستثمرون توقعاتهم بشأن خفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل إلى 25 نقطة أساس، مع إمكانية إجراء خفضين إضافيين.

أما في أوروبا، وخاصة في المملكة المتحدة، فقد شهدنا تحسنًا في بيانات الناتج المحلي الإجمالي، لكن لا يزال هناك تفاؤل محدود بشأن الاقتصاد البريطاني، حيث من المتوقع أن يؤدي الميزانية المقبلة إلى مزيد من الضغوط على المستهلكين الذين يعانون بالفعل من ضعف الدخل القابل للتصرف.

النظرة المستقبلية

مع مرور معظم البيانات الاقتصادية، ستتجه الأنظار إلى شيء واحد فقط، وهو بيانات الأرباح. بدأ بنك JP Morgan Chase، أكبر بنك في الولايات المتحدة، الأسبوع بشكل قوي بعد أن تجاوز توقعات المحللين. وقد زادت هذه النتيجة من تفاؤل التجار بشأن البنوك الأمريكية الكبرى الأخرى مثل Citi وGoldman Sachs وWells Fargo. لذا، ستشكل أرباح هذه البنوك السرد السوقي، مما يجعل التجار يقيمون قوة توقعاتها قبل اتخاذ قرارات التداول.

فيما يتعلق بالأسهم، من المرجح أن تبقى شركة تسلا تحت الأضواء بعد إطلاقها لسيارة الروبوتاكس والشاحنة، التي قدمها إيلون ماسك. نحن نعتقد بقوة أن التجار يقللون من أهمية هذه المنتجات، خصوصًا سيارة الروبوتاكس وجيشها الجديد من الروبوتات المنزلية، والتي لم تُؤخذ في الاعتبار بعد في سعر السهم.

أسعار الذهب

من المرجح أن تشهد أسعار الذهب مزيدًا من القوة في فترة ارتفاعها. نعتقد أن هذا الاتجاه سيستمر حيث يسعى التجار إلى الأصول الأكثر خطورة لتحقيق أقصى عوائد. بالنسبة لهم، فإن البيئة الحالية هي المكان المثالي لتحمل المزيد من المخاطر. بالإضافة إلى ذلك، فإن احتمال حدوث خفض كبير آخر في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي يتراجع بشكل كبير، مما يساهم في قوة مؤشر الدولار. قوة الدولار ليست إيجابية بشكل كبير بالنسبة لسعر الذهب، مما يشير إلى احتمال حدوث مزيد من التماسك وانحراف طفيف نحو الانخفاض في حركة الأسعار.
من الناحية الفنية، تشير البيانات إلى أن الثيران تسيطر على حركة الأسعار على إطار زمني مدته أربع ساعات، حيث تتداول الأسعار فوق المتوسط المتحرك لمدة 50 يومًا، وطالما استمرت الأسعار في التداول فوق هذا المتوسط، قد نشهد مزيدًا من القوة للمعدن الثمين.

أسعار النفط

تتراجع أسعار النفط حاليًا بسبب عاملين رئيسيين. أولًا، لم يتحقق خطر جيوسياسي محتمل بهجوم إسرائيلي على الموارد النفطية الإيرانية، ويبدو أن الحدث الفعلي، إذا حدث، قد يكون له تأثير أقل بكثير مما كان متوقعًا في البداية. ثانيًا، لا يزال التجار قلقين بشأن نمو الصين. بالنسبة لهم، فإن العامل الوحيد القادر على التأثير على السوق هو زيادة الطلب على النفط من الصين. بدون هذا، يفتقر التجار إلى الحماس للاستمرار في دفع أسعار النفط إلى الارتفاع.

تظل أسعار النفط وأسعار الذهب تحت تأثير عوامل متعددة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية، إن متابعة الأخبار والتحليل الدقيق يمكن أن يساعد المتداولين في اتخاذ قرارات استثمارية أفضل وضمان حماية أموالهم في ظل الأوقات العصيبة. مع وجود مجموعة من العوامل المؤثرة، من المهم للمتداولين أن يبقوا على اطلاع دائم بالتطورات وأن يتكيفوا مع الظروف المتغيرة. بينما تشتعل الأوضاع، يبقى السؤال: كيف ستؤثر هذه الأحداث على أسعار النفط وأسعار الذهب في الأيام المقبلة؟