ماذا يقصد نتنياهو بتغيير الشرق الأوسط؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

احدث الاخبار من خلال موقع الخليج برس , ماذا يقصد نتنياهو بتغيير الشرق الأوسط؟, اليوم السبت 26 أكتوبر 2024 02:43 مساءً

السبت 26/أكتوبر/2024 - 02:30 م 10/26/2024 2:30:18 PM

منذ عام 1982، ظل الإسرائيليون والأمريكيون يحلمون بإعادة بناء المنطقة.. ولكن كل المحاولات التي بُذِلَت حتى الآن كانت لها نتائج معاكسة تمامًا لما كان متوقعًا.. قبل عام من الآن، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حاملًا خريطة تُظهر (الشرق الأوسط الجديد)، قدمت رؤية للتحول الإقليمي، ترتكز على اتفاقيات إبراهام، التي تعمل من خلالها الدول العربية المجاورة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.. ولكن بدلًا من تحقيق نظام إقليمي جديد من خلال الدبلوماسية والتجارة، شهد العام الماضي حملة إسرائيلية مدمرة من الحرب والإبادة الجماعية.. لقد أدى الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ عام على جبهات متعددة، إلى تحطيم التقدم المبدئي الذي أحرزته المنطقة نحو السلام، وتعرض الاستقرار النسبي في الشرق الأوسط في بداية هذا العقد للدمار، بسبب الهجوم الإبادي الإسرائيلي على غزة، والقصف الجوي في سوريا واليمن، والآن الغزو البري للبنان.. نعم، لقد أعادت الحرب على غزة تشكيل المنطقة، لكن من خلال تعزيز الشعور بالوحدة في جميع أنحاء العالم العربي، في معارضة الجرائم الإسرائيلية.
في عام 2003، تصور أصحاب الأيديولوجية، المحافظون الجدد، العراق باعتباره منارة ديمقراطية، من شأنها أن تنشر التغيير في مختلف أنحاء الشرق الأوسط الجديد.. وبعد مرور عقدين من الزمن، يحدث هذا التحول على أيدي دولة استيطانية متطرفة عرقية، من خلال الإبادة الجماعية والغزو والطرد الجماعي.. لقد وسعت إسرائيل حدود ما هو ممكن ومسموح به في الصراعات المسلحة الإقليمية، من خلال الانتهاكات الروتينية للقانون الإنساني الدولي، واختبار مدى إمكانية دفع الدول العربية دون تصعيد كبير.. وقد قوبلت الإبادة الجماعية في غزة، والتي جعلت المنطقة غير صالحة للسكن إلى حد كبير، بدعوات من الحكومات الإقليمية لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد.. لكن الحرب التي استمرت لمدة عام في غزة، كانت بمثابة إعلان عن تطور (الشرق الأوسط الجديد)، فيما يتصل بعلاقات المنطقة مع الدول الغربية، حيث أصبحت المعايير المزدوجة للدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين مُعلنة على الشاشة بشكل كامل.. ومع تراجع الثقة في القيادة الغربية، أصبحت المنطقة تتطلع بشكل متزايد إلى الصين للتوسط في الاتفاقيات السياسية، وكشريك في التقدم التكنولوجي وجهود إعادة البناء.
في الخريطة المُعدلة التي أعدها نتنياهو للشرق الأوسط، غابت فلسطين المحتلة بشكل ملحوظ.. وقد أثبت العام الماضي حماقة هذه الرؤية المشوهة.. كان من بين العناصر الأساسية في الرؤية الإسرائيلية للمنطقة الجديدة، إمكانية التطبيع مع المملكة العربية السعودية.. لكن فلسطين تظل عقبة أمام هذا الهدف، حيث تعهد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، مؤخرًا بأن بلاده لن تطبع العلاقات مع إسرائيل، حتى يتم إنشاء دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.. والأمر الحاسم، هو أن ولي العهد تأثر في هذه القضية بالمطالب الشعبية للشباب السعودي، وهو ما يعكس اتجاهًا إقليميًا أوسع نطاقًا للشباب، أصبح مُنخرطًا في القضية الفلسطينية لأول مرة، بسبب تعرض الفلسطينيين للإبادة الجماعية التي استمرت لمدة عام.. وبهذا المعنى، نجحت الحرب على غزة في إعادة تشكيل المنطقة، وعززت الشعور بالوحدة بين (الشارع العربي) في معارضة الاحتلال الإسرائيلي والتطهير العرقي.
●●●
في أعقاب اغتيال زعيم حزب، حسن نصر الله، في بيروت، قال نتنياهو في مؤتمر صحفي، (نحن نغير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط.. إن التغيير في ميزان القوى يحمل معه إمكانية إنشاء تحالفات جديدة في منطقتنا، لأن إسرائيل تنتصر.. لقد عاد أعداؤنا وأصدقاؤنا إلى رؤية إسرائيل كما هي.. دولة قوية وحازمة ومقتدرة).. وتوقع نتنياهو أن يساعد استعراض إسرائيل للقوة، في إقامة علاقات مع حلفاء جدد في الشرق الأوسط.. أن تتمكن إسرائيل قريبًا من تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية، لأن (التغيير في ميزان القوى يحمل معه إمكانية إنشاء تحالفات جديدة في منطقتنا، لأن إسرائيل هي الفائزة).
وإذا كنا، في السطور السابقة، عرضنا ما تحقق فعلًا من تغيير في الشرق الأوسط، جراء الحرب على غزة.. فماذا يقصد نتنياهو، عندما تحدث عن تغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط؟، وما هي رؤيته لكيفية إحداث هذا التغيير؟.
عندما يتحدث بنيامين نتنياهو عن هذا التغيير، فإنه يشير إلى أهداف سياسية وعسكرية، تتعلق بتعزيز مكانة إسرائيل الإقليمية، وتغيير موازين القوى في المنطقة لصالحها.. ويسعى نتنياهو إلى تغيير الواقع الاستراتيجي بما يجعله أكثر أمنًا واستقرارًا بالنسبة لإسرائيل، في ظل التهديدات المتعددة التي تواجهها، سواء من حركات المقاومة الفلسطينية أو حزب الله في لبنان أو إيران أو حتى التحولات الجيوسياسية في المنطقة، من خلال تحقيقه لعدة أهداف. 
أولًا، القضاء على حركات المقاومة الفلسطينية، بإزالة تهديد حماس والجهاد الإسلامي، إذ يعتقد نتنياهو أن تغيير الواقع الاستراتيجي يبدأ بإزالة التهديدات العسكرية التي تواجه إسرائيل من غزة والضفة الغربية.. فتكرار العمليات العسكرية في غزة والأراضي الفلسطينية، يهدف إلى الحد من قدرات حماس والجهاد الإسلامي، من خلال تدمير بنيتهما التحتية العسكرية وتجفيف مصادر دعمهما.
ثانيًا، فرض الحلول السياسية التي تناسب إسرائيل، إذ يسعى نتنياهو أيضًا إلى فرض شروط سياسية، تعمل على إضعاف أو القضاء على مشروع الدولة الفلسطينية، أو جعلها ضعيفة ومنزوعة السلاح، مما يمنح إسرائيل حرية الحركة الاستراتيجية في الأراضي الفلسطينية.
ثالثًا، السيطرة على النفوذ الإيراني في المنطقة، بالحد من توسع طهران.. فبالنسبة لنتنياهو، فإن تغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط، يعني كبح النفوذ الإيراني في الدول المجاورة، مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن.. وتعتبر إيران التهديد الاستراتيجي الأكبر لإسرائيل، من خلال دعمها لحزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية، وكذلك من خلال طموحاتها النووية.
رابعًا، تطبيع العلاقات العربية ـ الإسرائيلية لمواجهة إيران، حيث يسعى نتنياهو إلى بناء تحالفات إقليمية مع الدول العربية، وخصوصًا دول الخليج، لمواجهة إيران.. والتطبيع مع دول مثل الإمارات والبحرين والمملكة العربية السعودية، هو جزء من استراتيجية إسرائيل لتغيير الواقع الإقليمي وإنشاء محور ضد إيران.. ويشمل ذلك توسيع نطاق اتفاقيات إبراهام، إذ يتضمن تغيير الواقع الاستراتيجي، مواصلة العمل على اتفاقيات إبراهام لتوسيع نطاق التطبيع مع الدول العربية.. وتهدف إسرائيل إلى تحسين علاقاتها مع دول عربية جديدة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، لتشكيل تحالف استراتيجي ضد القوى الإقليمية المعارضة لإسرائيل، مثل إيران وحزب الله.
خامسًا، عزل المقاومة الفلسطينية إقليميًا، فمن خلال تطبيع العلاقات مع الدول العربية، تسعى إسرائيل إلى عزل حركات المقاومة الفلسطينية دبلوماسيًا وجعلها أقل نفوذًا في المعادلة الإقليمية، مع تعزيز شرعيتها الإقليمية.
سادسًا، التحرك ضد البرنامج النووي الإيراني، لمنع طهران من امتلاك الأسلحة النووية، من خلال اتخاذ إجراءات سياسية أو عسكرية لمنعها من الوصول إلى القدرة النووية العسكرية.. وقد يشمل هذا استمرار الضغوط الدولية أو حتى العمليات العسكرية، إذا لزم الأمر، بهدف تدمير البرنامج النووي الإيراني.. وتعتمد إسرائيل على التعاون مع الولايات المتحدة في هذا السياق، وتسعى إلى بناء تحالف دولي أكبر للضغط على إيران.. ويشكل تحقيق هذا الهدف، خطوة كبيرة في تغيير الواقع الاستراتيجي في المنطقة لصالح إسرائيل.
سابعًا، ضمان التفوق التكنولوجي والعسكري الإسرائيلي، إذ تسعى إسرائيل، من خلال العمل الدائم على تطوير قدراتها العسكرية، إلى ضمان بقائها القوة العسكرية المهيمنة في الشرق الأوسط.. والتفوق العسكري يُمكِّن إسرائيل من مواجهة أي تهديدات محتملة من دول أو فصائل معادية.. وتعتمد إسرائيل بشكل كبير على الدعم العسكري والاقتصادي الأمريكي.. والاستمرار في تلقي هذا الدعم، يُمكّنها من الحفاظ على تفوقها في المنطقة، وهو عنصر مهم في تحقيق التغيير الاستراتيجي على المدى الطويل.
ثامنًا، إعادة تشكيل الحدود والهيمنة الإقليمية، من خلال إجرائين.. الأول، تقليص التهديدات الحدودية، بإعادة ترسيم الحدود أو تأمينها، بشكل يمنع التهديدات المباشرة لإسرائيل، سواء من غزة أو لبنان أو سوريا.. فالسيطرة على مرتفعات الجولان وزيادة الوجود العسكري على الحدود مع لبنان وسوريا، جزء من استراتيجية نتنياهو لتعزيز الوضع الأمني.. والثاني، السيطرة على مناطق في الضفة الغربية، إذ قد يكون السعي إلى ضم المستوطنات الإسرائيلية الكبرى في الضفة الغربية، جزءًا من تغيير الواقع الاستراتيجي.. فالسيطرة على هذه المناطق تمنح إسرائيل نفوذًا استراتيجيًا في إدارة الصراع مع الفلسطينيين، وتضعف إمكانية إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.
تاسعًا، التحولات الجيوسياسية في المنطقة.. فباستغلاله الانقسامات الداخلية في الدول العربية، سواء في سوريا أو العراق أو اليمن أو ليبيا أو السودان أو الصومال، يسعى نتنياهو إلى ضمان عدم تمكن هذه الدول من تشكيل تهديد استراتيجي لإسرائيل في المستقبل القريب.. كذلك، استغلال إسرائيل الصراعات الإقليمية لصالحها، مثل الحرب في سوريا أو اليمن، لتأمين حدودها أو تعزيز تحالفاتها مع القوى الإقليمية ضد عدو مشترك، مثل إيران. 
عاشرًا، إضعاف المنظمات المسلحة غير الحكومية.. باستهداف حزب الله وحماس التي تشكل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل.. ويأتي حزب الله في لبنان وحماس في غزة، على رأس قائمة الأعداء الذين تسعى إسرائيل إلى تقليص قدراتهم العسكرية والسياسية.. كذلك، الهجمات الوقائية والاغتيالات، إذ تعتمد إسرائيل على تكتيكات الاغتيالات والهجمات الوقائية ضد القادة العسكريين لهذه المنظمات، بهدف تقليص قدراتها وخلق توازن رادع على الجبهتين الشمالية والجنوبية.، إلى جانب الردع الاستراتيجي، حيث يهدف نتنياهو إلى بناء قدرات ردع قوية، تمنع أعداء إسرائيل من محاولة شن هجمات على أراضيها.. ومن خلال التفوق العسكري والعمليات الوقائية، تسعى إسرائيل إلى تجنب الدخول في حروب طويلة الأمد يمكن أن تكون مكلفة وتؤدي إلى خسائر فادحة.. ومن خلال العمليات العسكرية والتدخلات الإقليمية، تسعى إسرائيل إلى إعادة تعريف قواعد الاشتباك مع أعدائها، مما يسمح لها بتوجيه ضربات مؤلمة دون التصعيد إلى حرب شاملة.
وأخيرًا، تعزيز العلاقات مع القوى العالمية، إذ يسعى نتنياهو إلى تعزيز علاقات إسرائيل مع القوى العالمية الكبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا، فضلًا عن توسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية مع القوى الناشئة، مثل الصين والهند.. وهذا التحالف مع القوى العالمية الكبرى، يمنح إسرائيل نفوذًا استراتيجيًا عالميًا.
والخلاصة، أنه عندما يتحدث نتنياهو عن (تغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط)، فإنه يسعى إلى تأمين مكانة إسرائيل كقوة إقليمية مهيمنة من خلال إضعاف أعدائها، سواء كانوا دولًا مثل إيران أو جماعات مسلحة مثل حماس وحزب الله.. كما يهدف إلى تعزيز التحالفات الإقليمية والدولية، وتطبيع العلاقات مع الدول العربية، وضمان التفوق العسكري الإسرائيلي لعقود قادمة.. لكن السؤال هو: فهل ينجح في القيام بذلك، في ظل الصعوبات التي تواجهها إسرائيل والعقبات التي تواجه المشروع الأمريكي الذي تنتمي إليه؟.
●●●
الحقيقة أن إسرائيل ترتكب خطأ أكبر في الحسابات، عندما ترغب في ضرب الحديد وهو ساخن.. إن إسرائيل تعمل على إعادة هندسة الشرق الأوسط بأكمله لكي يزداد كرهًا لها، في حين تظل القضية الفلسطينية دون حل.. إنها تعمل على إعادة هندسة فترة ثلاثة عقود، منذ اتفاقات أوسلو، عندما فقد الصراع الفلسطيني هيمنته ومركزيته في العالم العربي.. لا شيء يفعل، أكثر من العدوان الإسرائيلي الجامح، في معالجة الانقسامات العميقة في العالم العربي.. فعندما تسقط ثمانين طنًا من المتفجرات، لقتل حسن نصر الله وتقتل ثلاثمائة آخرين أثناء القيام بذلك، فأنت تحوله من رمز للمقاومة إلى أسطورة.. (لقد رحل الرمز، ووُلِدت الأسطورة، والمقاومة مستمرة)، هكذا  قال السياسي اللبناني، سليمان فرنجية، سليل إحدى أبرز العائلات المارونية في البلاد.. نتنياهو، أكثر من أي شخص آخر، يقنعهم بأن إسرائيل التي تتصرف على هذا النحو، لا تنتمي إلى هذه المنطقة.
لقد وصل الأمر إلى أن قارن إبراهيم الأمين، رئيس تحرير صحيفة الأخبار، القريبة من حزب الله، حسن نصر الله بالإمام الحسين، حفيد النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، الذي يعتبر الإمام الثالث في المذهب الشيعي، وكتب، السيد حسن نصر الله لم يتخيل نفسه في صورة الحسين حين استشهد، فهو ليس في مكان الحسين حين خذله العالم، بل هو في صورة الحسين الذي نهض وقاتل دفاعًا عن حق ثمنه باهظ جدًا.. نصر الله أصبح رمزًا خالدًا لكل ثائر في وجه الظلم، واستشهد دفاعًا عن القدس وفلسطين).. وقال آخر، بأن (نصر الله كان يتمتع بجاذبية كاريزمية، باعتباره خطيبًا متمكنًا أمام ناخبيه الشيعة والجماهير المؤيدة للفلسطينيين في العالم العربي، بنفس الطريقة التي كان بها الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، يتمتع بجاذبية تجاه الحركة القومية العربية في عصره).
●●●
إن ما نعترف به تغييرًا في الشرق الأوسط، هو أن الواقع الجديد الذي تعيشه إسرائيل، فرض على نتنياهو التحول من زعيم سياسي إلى قائد حرب.. فهو يعتقد أنه القائد الأكثر حسمًا، ناسبًا الفضل لنفسه في توجيه الضربات (القاتلة) على جبهتي غزة ولبنان، ويؤكد ضرورة الظهور بحزم، حتى في التعامل مع الحلفاء، مثلما رد بإدانة غير معتادة على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عندما أعلن حظر تصدير أسلحة لإسرائيل، حين تخلى عن بروتوكولات الدبلوماسية التقليدية، مستنكرًا الحظر الذي فرضته فرنسا، ومعتبرًا القرار عارا، إذ قال لماكرون، (ستنتصر من دونكم، لكن عاركم سيستمر طويلًا).. ولا ندري، ما إذا كان هذا التوجه يمثل تغييرًا حقيقيًا في نهج نتنياهو، أم أنه مجرد رد فعل مؤقت بسبب حالة الطوارئ الحالية.. لكن ما هو معلوم بالضرورة، أن نتنياهو يعتبر دعوات الداخل الإسرائيلي المتزايدة لتشكيل حكومة وحدة في ظل الظروف الراهنة، ليست سوى محاولة للإطاحة بحكومته، وأن هناك من يسعى لإقصاء وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير من أجل (طعن حكومته في الظهر لاحقا).
يركز نتنياهو حاليًا، على ترسيخ قناعته بصواب استراتيجيته، مشددًا على أن هذه المرحلة ليست مجرد اختبار للقوة العسكرية، بل هي أيضًا (امتحان لقيادة إسرائيل)، في واحدة من أكثر فتراتها تعقيدًا.. ويؤكد أن القرارات التي يعتزم اتخاذها الأشهر المقبلة (قد تكون حاسمة في إعادة تشكيل المنطقة بأكملها).. ومقارنة برؤساء الوزراء السابقين، يعتبر نتنياهو أن أسلافه فشلوا في الاستمرار في مواقعهم لفترات طويلة، بما في ذلك نفتالي بينيت ويائير لبيد وإيهود باراك، قائلًا إنهم لم يتمكنوا من تحمل الضغوط السياسية، فقد استقال إيهود أولمرت بعد فشله في حرب لبنان الثانية 2006، كذلك مناحيم بيجين، الذي أقر في لحظة ضعف، بعجزه عن مواجهة نتائج حرب لبنان الأولى عام 1982.
إن نتنياهو في وضع سياسي حرج، إذ يتعين عليه تحقيق توازن بين البقاء في منصبه والوفاء بوعوده، ورغم الانتقادات التي يتعرض لها، فإنه لا يزال في موقع القيادة.. يتبنى نهجًا جديدًا، يعتبر فيه القوة هي مفتاح البقاء في (غابة الشرق الأوسط)، مُظهرًا التزامه بالدفاع عن إسرائيل في (معركتها الوجودية)، معتمدًا وصايا الحاخامات، ومصورًا نفسه ربانا لسفينة تتلاطمها الأمواج، لا يكترث بالمخاطر التي قد تؤدي إلى فوضى عارمة في الشرق الأوسط، وربما في العالم.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق